نصائح غذائية في عيد الفطر
بانتهاء شهر رمضان يكون الصائم قد اعتاد على نمط غذائي ومعيشي مغاير كثيرًا لذلك النمط المتبع طوال العام؛ فنتيجةً للصوم يعتاد الجهاز الهضمي على عدم استقبال أي طعام أو شراب طوال النهار، مما يجعله في حال راحة نهارًا، في حين يفرز العصارات الهاضمة ويتهيأ لاستقبال الطعام قبيل أذان المغرب.
أولُ أيام العيد ونتيجة للتغير المفاجئ في مواعيد وأساليب ونوعيات الطعام المتناول يعاني الكثير عددا من العوارض الصحية الناجمة عن العبء الكبير الذي قد حمَّلناه لجهازنا الهضمي دون سابق تمهيد أو إنذار، فترى أقسام الطوارئ بالمستوصفات والمستشفيات قد استنفرت كل أجهزتها لاستقبال الأعداد الكبيرة من حالات التلبُّك المعوي وآلام المعدة والأمعاء والانتفاخ والإسهال الحاد، وإضافةً إلى كل ذلك كثيرًا ما ترتفع عدد الحالات المسجلة للتسمم الغذائي في أول أيام العيد.
ولكي تدوم فرحة العيد وتكتمل بلا معاناة صحية أو مشاكل غذائية ناجمة عن التغير المفاجئ في مواعيد وأساليب تناول الطعام، هناك عدد من اعتبارات التغذية التي يؤدي تطبيقها إلى تجنب حدوث هذه المشاكل بسهولة ويُسْرٍ منها:
1ـ عدم الإفراط في تناول الحلويات صباح يوم العيد:
تمثل حلويات العيد جزءًا غاليًا من تراثنا الإسلامي وعاداتنا العربية الأصيلة، ولعل أكثر الحلويات تميزًا لعيد الفطر الكعك والبسكويت والبتيفور، وجميعها أطعمة عالية جدًّا في محتواها من الدهون والسكريات ومصدر مركز للطاقة، وتحتوي الكعكة الواحدة من كعك العيد التي تزن حوالي 50 جرامًا على حوالي 820 سعرًا حراريًّا؛ أي ما يعادل كمية الطاقة الموجودة في خبزة زنة مائة جرام.
ويؤدي الإفراط في تناول الحلويات في صباح يوم العيد إلى إرباك الجهاز الهضمي وحدوث تلبُّكات معوية، كما قد يؤدي إلى حدوث إسهال شديد مصحوبًا بالعديد من المخاطر الصحية الأخرى، وتتضاعف المخاطر الصحية للإفراط في تناول الحلويات لدى المصابين بكل من داء السكري والسُّمْنة وارتفاع دهون الدم وأمراض القلب والشرايين.
لذا يجب الحذر من أن نتناول كمية كبيرة من هذه الحلوى تحت ضغوط الضيافة والإلحاح والكرم الذي يشتهر به مجتمعنا، وللخروج من مأزق الحرج لعدم تلبية رغبة المضِيف يمكن تناول حبة فاكهة أو كوب من عصير الفاكهة بدلاً من تناول هذه الحلويات أو المشروبات الغازية كلما قمت بزيارة لمنزل أو قريب.
علينا الاعتدال في تناول الحلوى والشكولاتة وكعك العيد؛ لأنها تحتوي على كمية كبيرة من الدهون والسكريات والسعرات الحرارية التي قد يؤدي الإفراط في تناولها إلى اضطرابات هضمية، وزيادة في الوزن.
2 ـ احذر التدخين أو شرب الشاي أو القهوة على معدة خاوية:
من العادات السيئة ذات الأثر السلبي على الصحة اعتيادُ الكثير على بدء يوم العيد بإشعال سيجارة أو احتساء كوب من الشاي أو القهوة على معدة خاوية، ويضاعف ذلك من المخاطر الصحية الناجمة من التدخين أو شرب الشاي أو القهوة فيؤدي إلى اضطراب والتهاب المريء والمعدة.
كما يؤدي إلى فقد الشهيَّة وازدياد حموضة المعدة وزيادة ضربات القلب، ويجب الامتناع تمامًا عن هذه العادات السيئة، سواء في أيام العيد أو في غيرها، وخصوصًا للمصابين بأمراض القلب والشرايين وداء السكري.
3 ـ تدرَّج في تعويد مَعِدَتك على استقبال الطعام في الصباح:
يعتبر تناول إفطار ثقيل في أيام العيد أحد الأخطاء التغذوية الشائعة، فحتَّى تعتادَ المعدةُ على استقبال الطعام في الصباح يجب البدء بكميات قليلة من الطعام، وتصغير حجم الوجبات لتجنب إرباك الجهاز الهضمي، وإتاحة الفرصة لعملية هضم مريحة وكاملة.
4 ـ تجنَّبِ الإفراط في تناول الأغذية الدَّسِمة وعسرَة الهضم:
تمثل كل من الأطعمة المقْليَّة والصلصات السميكة والفواكه والخضراوات غير المكتملة النضج وبعض أنواع البقول ذات القشور السميكة أغذية عَسِرة الهضم، ويجب تجنب الإفراط في تناول هذه الأغذية في أيام عيد الفطر، وذلك حتى تستعيد المعدة نمَطَها المعتاد للعمل في غير أيام رمضان.
5 ـ تناول طعامك في صورة وجبات محددة:
من المفيد جدًّا البدء في تهيئة الجهاز الهضمي للعودة لاستقبال الطعام في صورة وجبات، ويتيح تنظيم مواعيد تناول الطعام للمعدة وباقي أعضاء الجهاز الهضمي فرصة القيام بوظائفها على نحو طبيعي، كما يجب تجنُّبُ الاستمرار في التقاط الطعام طوال اليوم وعدم الجلوس على مائدة الطعام لتناول الوجبات في المواعيد المعتادة؛ حيث يؤدي ذلك إلى التهام كميات كبيرة من الطعام دون الشعور بذلك، وقد يكون من المفيد أن تكون هذه الوجبات صغيرة على أن يتم زيادتها إلى 4 أو 5 وجبات يومية؛ أي المحافظة على كمية الطعام القليلة التي تعوَّدت عليها أجسامنا أثناء شهر الصوم؛ لنتخلص تدريجيا من الزيادة في الوزن التي نكتسبها عادةً مع التقدم في العمر.
وإذا كنت شخصًا بدينًا ونقَصَ وَزْنُكَ أثناء صيام شهر رمضان، فعليك المحافظة على هذا الوزن وأن تستمر في ممارسة نفس العادات الغذائية والسلوك الغذائي الذي اكتسَبْته خلال وبعد عيد الفطر؛ لتتخلص من السمنة والتي تعد خطرًا على صحتك.
6 ـ احرص على تطبيق قواعد سلامة الأغذية:
عادة ما يرتفع معدل الإصابة بالإسهال والحمَّى في أيام العيد نتيجة للإصابة بتسممات ذات أنواع مختلفة، ومن الضروري الحرص على اختيار مصادر الغذاء الآمنة والموثوق فيها وعدم شراء الوجبات الجاهزة من مصادر غير معروفة.
أمَّا بالنسبة للذين يقضون أيام العيد في رحلات خارج المنزل فيجب عليهم الحذر عند تحضير أغذيتهم وعدم تحضير الوجبات قبل موعد تناولها بساعات طويلة مما يجعلها عرضة للفساد.
7 ـ قال تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)
لا يوجد بين القواعد الصحية للتغذية حكمة واحدة تصلح لجميع الأعمار وجميع المناسبات أكثر من قول الله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا} [الأعراف: 31]. فاتّباع هذا القول هو سبيلك إلى الصحة والسلامة.
أي الاعتدال ـ أيضًا ـ في إقامة الولائم بالمنزل، وفي تلبية الدعوات إليها من قبل الآخرين.
8 ـ تجنب الخمول:
يجد البعض إجازة العيد فرصة للإفراط في تناول الطعام والراحة والاسترخاء، فيصبح “رُوتِينُهم” خلال إجازة العيد هو الأكل ثُم النوم، والنوم ثم الأكل، وينتابهم شعور بالكسل والخمول، ويؤدي تناول وجبات كبيرة ودسمة ثم النوم إلى عسر الهضم والتلبك المعوي والانتفاخ.
أما على المدى البعيد فيؤدي ذلك إلى الاعتياد على الخمول والبدانة والسمنة بما يصاحبها من مخاطر صحية كثيرة؛ لذا فمن الضروري أن يتم تخصيص جزء من إجازة العيد لممارسة أي نشاط رياضي مناسب.
9 ـ الاعتدال مطلوب، ومراعاة الظروف الصحية للآخرين واجب:
مراعاة الأشخاص المرضى في الأسرة نفسها والمصابين بأحد الأمراض المزمنة وذلك بإعداد بعض الأصناف التي تتناسب مع مرضهم ومع حِمْيَتِهِمُ الغذائية، كذلك مراعاة الزوَّار وعدم إلزامهم بتناول كافَّة الأصناف المنوَّعة في المائدة؛ فعلى سبيل المثال يفضل تقديم الشاي والعصير من دون سكر للمصابين بداء السكري، وكذلك توفير الحلويات المخصصة لمرضى السكري، والتي لا تؤدي إلى ارتفاع سكر الدم لديهم.
وللحدِّ من المخاطر الصحية التي قد يصاب بها أحدنا، وحتى تكون كل أيامنا أعيادًا، لا بد من الاعتدال في كل شيء، والالتزام بروح شهر رمضان، وتنظيم الوجبات الغذائية.