تلوث الهواء يؤدي لاكتئاب الطفل
توصلت دراسة طبية أجراها باحثون في كلية الملك في لندن King’s College London إلى أن هناك علاقة بين اضطرابات نفسية يعاني منها المراهقون والتلوث البيئي.
ونشرت الدراسة الشهر الجاري من قبل مجلة “أبحاث الطب النفسي” وأثبتت العلاقة بين الإصابة بالاكتئاب ونوعية الهواء. ونوهت هذا الدراسة -التي أعدها باحثون من كلية الملك في لندن- بأن الأطفال الذين ينشؤون في بيئة ملوثة للغاية يعتبرون أكثر عرضة بمعدل ثلاث إلى أربع مرات لخطر الاضطراب النفسي في سن الـ 18.
وتم التطرق إلى نتائج هذه الدراسة وعرضها خلال قمة وطنية يوم الخميس 14 فبراير/شباط برعاية رئاسة بلدية لندن، وتوصلت إلى الدعوة إلى إنشاء صندوق لجمع نحو 1.5 مليار دولار لمساعدة الخواص على الاستثمار في المركبات الأقل تلوثا، وذلك وفقا لتقرير لستيفان موندار بصحيفة “لوموند” الفرنسية.
وأفاد الكاتب بأن هذه الدراسة شملت نحو 284 طفلاً يقطنون في لندن، حيث ظهرت عليهم أعراض الاكتئاب، لكن أيضا القلق والاضطراب ونقص الانتباه، أو اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط لدى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و18 سنة.
ومع بلوغهم سن 12، أصبح الأطفال عرضة لضرَرين رئيسيين ينتجان عن تلوث الهواء، وهما الجسيمات الدقيقة التي يكون قطرها أقل من 2.5 ميكرومتر، وثنائي أكسيد النيتروجين. علما بأن نسبة انتشار هذه المواد تختلف باختلاف البلد.
كما أظهرت النتائج أن ما يقرب من 20% من الأطفال ظهرت لديهم علامات الاكتئاب عند سن 18، وأن هذه النسبة تزداد مع تراجع جودة الهواء الذي يتنّفسه الطفل عند بلوغه 12 سنة.
وذكر الكاتب أن الأطفال الذين يستنشقون الجسيمات الدقيقة ذات قطر أقل من 2.5 ميكرومتر المنتشرة بالهواء الملوث، بتركيزات سنويّة تفوق 15 ميكروغراما لكل متر مكعب، و40 ميكروغراما لكل متر مكعب من ثنائي أكسيد النيتروجين، يعتبرون أكثر عرضة بأربع مرات للإصابة بالاكتئاب مقارنة بأولئك الذين يستنشقون هواء أقل تلوثًا (13 ميكروغراما لكل متر مكعب من الجسميات الدقيقة و31 ميكروغراما لكل متر مكعب من ثنائي أكسيد النيتروجين).
ووفقا للدكتورة والطبيبة النفسانية هيلين آل. فيشر، لا تعد هذه النتائج مفاجأة، حيث قالت “تعبر الجسيمات الدقيقة الحاجز الدموي الدماغي وتسبب التهابًا في الدماغ. مع ذلك، أظهرت دراسات أخرى أن مستويات أعلى من الالتهابات ترتبط أساسا بالاكتئاب”.
وقد لا تكون علامات الاكتئاب واضحة خلال سن 12. في هذه الحالة، تسوق فيشر وزملاؤها فرضيتين: إما تراكم تبعات التعرض المزمن لتلوث الهواء التي يمكن أن تظهر مع بلوغ سن 18، أو تأثير هذه التبعات مع مرور الوقت على سلوك الطفل.
وأخذ الباحثون بعين الاعتبار العوامل الأخرى التي قد تفسر تطور حالة الاكتئاب بين المراهقين الذين شملتهم الدراسة، لا سيما الأطفال من الأسر الفقيرة، كونهم أول الضحايا. وأشارت فيشر إلى أن هناك صيغة أخرى للتلوث التي يمكن أن نفسرها أيضا، ألا وهي الضجيج.
ويرتبط تلوث الهواء ارتباطًا وثيقًا بحركة مرور السيارات، مما لا يتسبب في تلوث الهواء فحسب بل في إحداث ضوضاء كبيرة أيضا.
واعترف باحث بريطاني، من بين الفريق الذي أجرى الدراسة، بأن الضوضاء المفرطة يمكن أن تؤدي لحالة من الإرهاق واضطراب النوم، وهما عاملان ارتبط كلاهما بزيادة خطر الإصابة بالاكتئاب.
المصدر: الجزيرة
اترك رد