الصحة النفسية: الْمَيْلُ إِلَى الْعُزْلَةِ والاِنطواء، أسبابُه وطرقُ التغلُّبِ عليه

يميل كثير من الأشخاص للعزلة والجلوس بمفردهم، وينطبق هذا على المراحل العمرية المختلفة، فما هي أسباب الانطواء وكيف يمكن التغلب عليه؟

قد يكون الميل للعزلة شعور مبكر منذ الصغر، وفي أحيان أخرى يصاب به الشخص في مراحل لاحقة من العمر، ويعود هذه للعديد من الأسباب.

أسباب الميل للعزلة والانطواء

تتعدد الأسباب التي تجعل الشخص يتجنب الاندماج مع الأشخاص من حوله ويفضل البقاء بمفرده، وتشمل:

ـ اعتياد الشخص على الوحدة من الصغر: فعندما ينشأ في بيئة غير اجتماعية سوف يصبح أكثر ميلاً وتعوداً على العزلة، ويزداد الأمر إن كان أحد الوالدين يتمتعان بالصفة ذاتها، أو كلاهما.

ـ عدم الثقة بالنفس: من الأسباب التي تجعل الشخص يتجنب التواصل الاجتماعي مع غيره ولا يفضل التواجد في الجلسات مع الأصدقاء هي أنّ لديه مشكلة عدم ثقة في ذاته.

وقد ينشأ هذا منذ الصغر إذا كان لدى الطفل مشكلة أو عيبا، ويقوم الأطفال المحيطين بالتنمُّر تجاهه، فتهتز هذه الثقة ولا يشعر بالراحة إلا إذا كان بمفرده.

ـ الاِنشغال بمواقع التواصل الاجتماعي: من الأمور التي ساعدت الكثيرين في تفضيل العزلة هي إاشغالُهم بمواقع التواصل الاجتماعي وهذه الحياة الافتراضية التي تساعد في الترفيه عن النفس بالعديد من السبل.

فقد ساهمت هذه المواقع بشكل كبير في القضاء على الحوارات والأحاديث المتبادلة بين الأشخاص، وخاصةً في محيط الأسرة، فكل فرد فيها يجلس أمام الجهاز الذكي ليقضي معظم وقته في هذا الأمر.

ـ الإصابة بالقلق والتوتر: والذي قد يؤدي إلى الاكتئاب، نتيجة ضغوط الحياة أو الاصطدام في شخص وغيرها من الأسباب، يزداد الشعور بالقلق والضيق، ويسبب آثارًا نفسية عديدة، وبالتالي تفضيل الجلوس منفرداً والميل للحزن.

ـ انفصال الأب والأم: عندما يشعر الابن بأن هناك مشكلات عديدة بين الوالدين والتي قد تصل إلى الانفصال، سوف يميل للعزلة والانطواء ليهرب من هذه المشكلات، لأنه لا يريد المواجهة.

ـ عدم القدرة على التواصل: فبعض الأشخاص لا يتمكنوا من تبادل الحديث مع غيرهم بطلاقة، ويميلون للصمت في معظم الأوقات، ولذلك يفضلوا البقاء بعيداً عن تلك المواقف، وقد يرجع هذا إلى التربية أو قلة الثقافة والتطلع.

ـ المعاناة من مشكلة ما: مثل فقدان عزيز بسبب الوفاة، أو الخيانة الزوجية وحدوث الطلاق، أو فقدان الأموال والإفلاس، فهذه الصدمات القوية تجعل المصاب بها يبتعد عن الأجواء المحيطة التي اعتاد أن يتواجد بها.

وقد يكون الميل للعزلة هنا أمرا مؤقتا، وذلك في حالة مدى عزيمة الشخص وقدرته على تجاوز المشكلات.

أعراض العزلة الاجتماعية

ويمكن معرفة أن الشخص يفضل العزلة والانطواء من خلال بعض الأمور:

ـ سيطرة الأفكار التشاؤمية على التفكير: فعند جلوس الشخص بمفرده، يشعر بالإحباط من كل الأمور حوله، ولا ينظر للحياة نظرة متفائلة.

ـ الإصابة بتغيرات مزاجية: دون معرفة أسباب هذه التغيرات، ففي بعض الأحيان يشعر بالحزن والضيق، وفي أوقات أخرى يكون راضياً وسعيداً، وقد تحدث هذه التغيرات بشكل مفاجئ.

ـ الجلوس في مكان منعزل: وشرود الفكر في معظم الأحيان، وقلة الحديث مع الآخرين حتى أثناء مشاركتهم بعض المهام والأنشطة.

ـ افتقار الذكاء الاجتماعي: وعدم القدرة على التواصل مع الأشخاص المحيطين، فالشخص الذي يميل للعزلة عادةً ما لا يكون لبقاً في حديثه، ولا يجيد التعامل مع الناس من حوله.

ـ الشعور بغربة حتى مع وجود أشخاص: فهذا يكون شعورا داخليا، وقد يظهر في انطباعاته وتصرفاته، لأنه لا يتمكن من السيطرة عليه.

ـ الجلوس لوقت طويل على الانترنت: فهذا هو الطريق الأمثل للهروب عند الأشخاص الذين يميلون إلى العزلة والانطواء.

طرق التغلب على الميل إلى العزلة

إليك أبرز طرق تساعد في التغلب على الشعور بالانطواء والعزلة:

ـ التعرف على بعض الأصدقاء: حتى وإن كان عددهم محدودا، فوجود بعض الأشخاص في حياتك سيساعد في مقاومة شعور الميل للوحدة، على أن يكون هناك تواصل دائم معهم.

ـ الاِنضمام إلى مجموعات: سواء في النادي أو الأنشطة المختلفة، فيجب البحث عن نشاط جماعي تقوم به، لتعتاد على التواجد وسط أشخاص اخرين والعمل في فريق، فهذا يساعد كثيراً في التغلب على الانطواء.

ويمكن ممارسة رياضة جماعية، فهي من الطرق الفعالة لتكوين علاقات اجتماعية، كما أن الرياضة تساعد في زيادة الثقة بالنفس.

ـ وضع أهداف في الحياة: فعندما يكون لدى الشخص خطط وأهداف يسير عليها، يتمكن من تجاوز هذه المشكلة، لأنه يسعى جاهداً لتحقيق هذه الأهداف.

ـ كثرة التطلع والمعرفة: فهذا يزيد كثيراً من لباقة الشخص وقدرته على الحديث مع الآخرين، وبالتالي تزداد الثقة في النفس، وهذا يؤدي إلى اهتمامِ وشغفِ الأشخاص المحيطين بالتواصل مع الشخص الذي يميل للعزلة.

ـ التغلّب على المشكلات: حيث إنَّ المرور بمشكلة ما، لا يعني توقف الحياة، بل يجب أن تواجه ما حدث وتبدأ في تفادي أسبابه مستقبلاً، كما أنَّ التواصل مع الأشخاص سيساعد كثيراً في نسيان ما حدث بشكل أسهل وأسرع.

اترك رد