الراحل “حسونة”:بِلَادِي وَإِنْ جَارَتْ عَلَيَّ عَزِيزَةٌ 

 

بِلَادِي وَإِنْ جَارَتْ عَلَيَّ عَزِيزَةٌ ** وَأَهْلِي وَإِنْ ضَنُّوا عَلَيَّ كِرَامُ

هذا البيت، هو آخر ما كتبه الطبيب الراحل أحمد حامد حسونة، ووضعه أسفل مِخَدّته قبل أن تتوفاه المنية.

الدكتور أحمد حامد حسونة، هو أحد أبناء مدينة مصراتة، ولد في منطقة قرارة، في الثاني عشر من أغسطس 1943، وتلقى تعليمه الأساسي في مدرسة مصراتة المركزية (1950-1958م)، وفي نفس المدرسة درس مرحلة الثانوية العامة (1952-1962م)، وتحصل على الترتيب الثاني على مستوى ليبيا، فأوفد لدراسة الطب بدولة ألمانيا.

في العام 1963م، التحق بجامعة ماربورغ “Philipps-Universität Marburg”، وتحصل منها على بكالوريوس طب وجراحة في العام 1970م، بعدها عاد إلى بلاده، وفي العام 1974م عاد إلى ألمانيا ثانيةً للتخصص.

في العام 1977م، تحصل على شهادة التام التخصصي كأخصائي بأمراض الباطنة، وفي العام ذاته التحق بمستشفى طرابلس المركزي، كـ طبيب مقيم بقسم الباطنة.

كان -رحمة الله عليه- أول من أدخل التشخيص بالموجات فوق الصوتية سنة 1982م، وتبعها بعد ذلك باستخدام المناظير، والصور بالصبغة، وبناء على جهوده الفائقة تم اعتماد مستشفى مصراتة كمرفق تعليمي تابع لجامعة طرابلس، وكذلك كمركز تدريب بمركز التخصصات الطبية.

**

كتب عنه زميله الدكتور ياسين أحمد أبوشحمة: “أهالي مصراتة وخاصة المرضى يعرفون جيدًا الدكتور أحمد حامد حسونة، أشعر بالفخر وأنا أكتب عنه فهو الذي عرفته عن قرب، ولفترة ليست بالقصيرة، إذ كان أول طبيب أكاديمي مارس مهنة الطب بمدينة مصراتة، يشهد له كل من كان لصيقاً له بأنه المثل الأعلى في أخلاقيات مهنة الطب، كان صادقا، أمينا، كفؤاً، حقيقيا في أدائه وأفكاره، ذو نظرة مستقبلية ثاقبة، يبدي احتراماً خاصاً لزملائه، كما كان يشهد له بالجدية، والحزم، يأخذ قراره بالتريث، ويعمد لتطبيقه، كان كل تفكيره مقتصرا في مهنة الطب والتعليم الطبي، وهو هدفه، أمضى كثيرا من وقته لتعلم المهنة، ومن بعد تعليمها للآخرين، حريصا على متابعة التطورات العلمية والبحث العلمي في وقت كان الأمر صعبا جدا لمثل هذه الأنشطة بمدينة مصراتة، حريصا على أن يكون له يوميا جلسة علمية لتطوير نفسه، وكذلك تطوير الأطباء من حوله، وعلى المستوى الشخصي أتيحت لي الفرصة للعمل كطبيب امتياز، وطبيب مقيم بمستشفى مصراتة، وشغل حينها مديرًا للمستشفى، أعترف وأشهد بدون مبالغة بأنني لم أتقابل معه في أي مناسبة إلا وكان نصيبي من اللقاء استفادة علمية، وعملية، واجتماعية، كما كان –رحمه الله- يبدي عناية خاصة للمرضى شخصيا، ومن خلال اختياره للفرق الطبية المؤهلة للعناية الطبية الفائقة للمرضى، وكذلك عطائه المستمر، والدفع بالأطباء حديثي التخرج الليبيين والعرب، وذلك بمدهم بالمعلومة الطبية الحديثة، والمهارات الطبية، وفن الإدارة الطبية، وكان ذلك واضحا من خلال الخدمات الطبية بمستشفى مصراتة، حيث كان يعد مستشفى مصراتة على قائمة أوائل المستشفيات في الخدمات الطبية في ليبيا في ذلك الوقت.

وإلى جانب شغفه بمهنة الطب كان المرحوم يهوى الزراعة، والعناية الشخصية لحديقة منزله.

و واصل الدكتور أبوشحمة كتابته عن زميله الراحل حسونة: “لم ينس المرحوم الدكتور أحمد حامد حسونة دينه وأركانه، حيث كان موضوع بحث شهادة الدكتوراه “تأثير صيام شهر رمضان على دهنيات الدم”.

عاد المرحوم إلى مدينته الأم محل ولادته كأخصائي أمراض باطنة، ومدير لمستشفى مصراتة العام، وعضو لهيئة التدريس بقسم الباطنة كلية الطب جامعة طرابلس.

اكتسب المرحوم حب الجميع، وأصبح ذو شهرة في مجال الطب، واستهدف من اللجان الثورية، والذين بذلوا كل الجهود لتنحيته من إدارة مستشفى مصراتة، وكانت النهاية سنة 1992م، حيث أرغم على مغادرة المستشفى، فما كان منه إلا أن يفتتح عيادة خاصة بمنطقته.

في الخامس عشر من مارس 1994م، ثاني من عيد الأضحى، أعلن أحد أسوأ الأخبار، وهو وفاة الدكتور أحمد حسونة، إثر تعرضه لنوبة قلبية حادة، وكانت أمنيته دائما وفاة الفجأة، وكتب آخر وصفة في حياته باسمه لإرسالها إلى أحد طلبته، وزملائه بالقسم لصرفها له، ولكن الأجل سبق العلاج.

اترك رد